الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بين التجرد والقناع: فيلم «توني إيدرمان» الألماني مُنتظر في بلماريس مهرجان كان السينمائي

نشر في  15 ماي 2016  (18:18)

بقلم الناقد طاهر الشيخاوي- مراسلنا بمهرجان كان السينمائي                                                   

الصعوبة في السينما (وحتى في الفنون الأخرى) تتمثل في تجنب الكليشيهات وما يشبه ذلك من أغراض وطرق في الإخراج تجذّرت في التاريخ وأعيد إنتاجها مرات ومرات لا لشيء إلا لأنها «نجحت» في جلب عطف الجمهور واهتمام المنتجيين. الصعوبة تكمن في مقاومة التبعية ونزعة مسايرة الأخرين وبالأخص في القدرة على الإبتكار.

وإن كان للمخرجة الألمانية «مارن آد» ميزة لا بد من ذكرها فهي بلا منازع ميزة الجرأة. جرأة ابتكار وضعيات سريالية تنتج غالبا عن تصرفات توني.

الموضوع بسيط: رجل متقدم نسبيا في السن يقرر الذهاب لبوخاريست لزيارة ابنته إيناس التي تشتغل كمستشارة في مؤسسة، نوعية جديدة من المهن المرتبطة بالأعمال ولم يكن دافعه سوى حرصه على سعادة ابنته.

توني شخصية طريفة جدّا ذو ميزاج مرح يميل للمزح وتسلية الأطفال مستخدما جميع أنواع أساليب التنكر من بروتيز ونظارات وجمّة وماكياج. وما يزيد في طرافة السيناريو أن ابنته لم تكن في انتظاره بل لا تتمنى مجيئه، يدخل تومي عالم ابنته دون اعتبار النواميس والقواعد التي تحكم علاقاتها مع الحرفاء والشخصيات الرسمية.

قد يعتقد البعض أن تصرفات الأب لا تتجاوز بعض الكليشيهات التلفزيونية، ولكن قيمة الفيلم تكمن في طبيعة الاصطدام بين فنتازيا الأب ومدى حريته من ناحية وتصنع البنت واغترابها تماما في نمط من التصرف لا يخضع إلا لقانون الأعمال والمصلحية الرأسمالية.

تستعمل المخرجة فانتازيا الأب وتصرفاته غير المنتظرة كماكينة لهدم الأساليب الجديدة في عالم الأموال.

يقوم مبدأ الفيلم على مسألة التنكر للذات والإعتزاز بها فقدوم توني في مناسبات عديدة غير منتظرة يدفع ايناس إلى مراجعة ذاتها والإقرار ضمنيا على الأقل بعبث بعض التصرفات المعمول بها، حتى ينتهي بها الأمر في آخر الفيلم بمشهد الإحتفال بعيد ميلادها حيث تضطر الى نزع ثيابها تماما وكمالا كما لو أنها أقرت بحقيقة أمرها وتخلت رمزيا على الشكليات الفارغة. «توني إيدرمان» فيلم يرجح أن يكون موجودا ضمن البلماريس…